وطنية

45 سنة على المناسبة التي غيرت وجه الصحراء المغربية

الجهوية بريس:العزاب محمد

تحل اليوم، (الجمعة)، الذكرى الخامسة والأربعون لحدث المسيرة الخضراء. هذه المحطة التاريخية الممتدة في الزمن المغربي، بما تحمله من دلالات ودروس وعبر، والتي تشكل عنوانا لتشبث المغاربة شعبا وملكا، بأرضهم، وبوحدتهم الترابية. في هذا الخاص تستعيد معكم “الصباح” أبرز ملامح هذه الذكرى الوطنية، وأبعادها وامتداداتها وأيضا تجلياتها في أعمال فنية ظلت راسخة في وجدان المغاربة.

وقـائع تـاريـخـيـة
تفاصيل اتخاذ القرار وكواليس إعداده
“المسيرة الخضراء”، واحدة من أهم المحطات التاريخية التي شهدها المغرب والعالم ككل، بفضل الحشد الشعبي الهائل الذي رسخ حالة نموذجية من التوحد والاصطفاف الشعبي، احتجاجا على الاحتلال الإسباني للصحراء المغربية، منطوية بذلك على دروس خالدة في اتخاذ القرار والتخطيط والتنفيذ، وحشد الإرادة الشعبية الوطنية وجمع الصفوف بشكل يثير الإعجاب والتقدير.

ويعود تاريخ هذا الحدث إلى 18 شتنبر 1974، حينما تقدم المغرب بطلب استشاري حول قضية الصحراء إلى محكمة العدل الدولية، بعد رفضه القاطع لقرار السلطات الاستعمارية الاسبانية بتنظيم استفتاء في الصحراء خلال النصف الأول من 1975، ومعارضته إياه بدعوى عدم تطابقه مع مضمون قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، لتصدر بذلك المحكمة الدولية رأيها الاستشاري حول القضية، في 16 أكتوبر 1975، معتبرة بأن الصحراء المغربية كان لها مالك قبل استعمارها من قبل إسبانيا، بالإضافة إلى وجود روابط قانونية وولاء وبيعة، بين سلاطين المغرب والقبائل التي تقيم بها.

وجاء خطاب الراحل الحسن الثاني، الذي دعا من خلاله إلى»مسيرة خضراء لاتجاه الصحراء»، مباشرة بعد اعتراف محكمة العدل بالحقوق التاريخية للمغرب في صحرائه، قائلا في نصه الذي ألقاه من مراكش، عبر الإذاعة والتلفزيون، “بقي لنا أن نتوجه إلى أرضنا. الصحراء فتحت لنا أبوابها قانونيا. اعترف العالم بأسره بأن الصحراء كانت لنا منذ قديم الزمن، واعترف العالم لنا أيضا بأنه كانت بيننا وبين الصحراء روابط ، وتلك الروابط لم تقطع تلقائيا وإنما قطعها الاستعمار …. لم يبق شعبي العزيز إلا شيء واحد. علينا أن نقوم بمسيرة خضراء من شمال المغرب إلى جنوبه ومن شرق المغرب إلى غربه”، فشكل بذلك إعلانه عن تنظيم هذه المظاهرة الجماعية السلمية، نقطة تحول للمشهد السياسي المغربي، الذي تعززت فيه سلطة الملك بقرار مشاركة أحزاب المعارضة الرئيسية في العملية السياسية، والتخلي عن الكفاح المسلح.

واستجابة لخطاب الملك، فتحت مكاتب متعددة بمختلف الأقاليم لاستقبال طلبات المتطوعين في المشاركة بالمسيرة، وانطلقت أول مجموعات للمشاركين من الرشيدية، في 23 أكتوبر، فيما عملت عشرة قطارات، بشكل يومي مستمر على امتداد اثني عشر يوما التالية، على نقل المتطوعين إلى مراكش وأكادير ثم إلى ضواحي طرفاية، ليأتي الخطاب الملكي لانطلاق المسيرة الشهير، في 5 نونبر 1975، قائلا من خلاله “غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء. غدا إن شاء الله ستطؤون طرفا من أراضيكم وستلمسون رملا من رمالكم وستقبلون ثرى من وطنكم العزيز”، وتنطلق المسيرة بمشاركة أزيد من 350 ألف مغربي، %10 منهم نساء.

وبعد أربعة أيام على انطلاق هذا الحدث التاريخي العظيم، الذي دفع بالمستعمر الاسباني إلى إعادة ترتيب أوراقه، بدأت اتصالات دبلوماسية مكثفة بين المغرب وإسبانيا للوصول إلى حل يضمن للمغرب حقوقه على أقاليمه الصحراوية، ليعلن الحسن الثاني في التاسع من نونبر أن المسيرة الخضراء حققت المرجو منها، ويدعو المشاركين فيها إلى الرجوع إلى نقطة الانطلاق (طرفاية)، في الوقت الذي ظلت فيه المفاوضات جارية بين البلدين حول مآل الصحراء المغربية، ويتم الحسم في القضية بعد انعقاد القمة الثلاثية بمدريد، التي جمعت المغرب واسبانيا وموريتانيا، وتوجت بالتوقيع على اتفاقية مدريد في 14 نوفمبر 1975، الموجبة لاسترجاع المغرب لأقاليمه الجنوبية، في مقابل إدارة ثلاثية للصحراء لفترة انتقالية لمدة ثلاثة أشهر، تلاها انسحاب القوات الإسبانية من الصحراء المغربية، في فبراير 1976.

وفي السياق ذاته، كان الحسن الثاني قد أجاب عن سؤال الصحافي الفرنسي إيريك لوران، حسب ما ورد في كتاب «مذكرات ملك»، حول موقف الملك إذا فشلت المسيرة، قائلا «لو فشلت المسيرة لاستقلت، إنه قرار أمعنت التفكير فيه طويلا بحيث كان يستحيل علي أن أترك على الساحة ضحايا لم يكن لهم سلاح سوى كتاب الله في يد والراية المغربية في اليد الأخرى. إن العالم كان سيصف عملي بالمغامرة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: